يحاول الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن يعيد إنقاذ نفسه بعد الهوة التي أسقطته فيها الأزمة المالية، وذلك من خلال قرارين أصدرهما مؤخراً.
يقضي الاول بالطلب «الى جميع المديريات والمكاتب الإقليمية والمحليّة إحالة المؤسسات التي تتقدّم بتصاريح أجور او تصاريح استخدام او ترك تتضمن أجوراً أقلّ من 20 مليون ليرة لبنانية شهرياً الى مديرية التفتيش والمراقبة»، بما يعني انه بات لزاماً على كل المؤسسات رفع الاجور المُصرّح عنها للضمان الى 20 مليون ليرة كحد أدنى، والثاني «تحصيل الاشتراكات المترتبة على الأجور المدفوعة بالدولار وفقاً لسعر الصرف الفعلي، أي «السعر الأعلى المعتمد من مصرف لبنان والبالغ 89500 ليرة اعتبارا من 01/02/2024»، على انّ الغاية من هذه الاجراءات تصحيح ايرادات صندوق الضمان لرفع قيمة التغطية الصحية وفواتير الإستشفاء والتعويضات العائلية وتعويضات نهاية الخدمة بعدما فقدت 90% من قيمتها نتيجة انهيار سعر الصرف.
وبذلك يكون الضمان خَطا خطوة جريئة نحو تصحيح الاجور المصرّح عنها وتصويبها والاعتراف بالدولار الذي اعتمد في الموازنة، والذي يعتمده حاكم مصرف لبنان بالانابة في مسار توحيد اسعار الصرف. الّا انّ المشكلة تبقى عند الشركات التي لا تزال تدفع رواتب موظفيها باللولار بحيث يقبض الراتب من المصارف وفق دولار 15 الفاً للدولار، ما يطرح عدة تساؤلات منها: هل يجوز للموظف ان يقبض معاشه باللولار وفق دولار 15 الفاً بينما تدفع عنه المؤسسة الضريبة للضمان الاجتماعي وفق دولار 89500 ليرة بما يوازي احياناً الراتب؟ فعلى سبيل المثال راتب بقيمة 1000 دولار يقبضه الموظف من البنك وفق دولار 15 الفاً يساوي 15 مليون ليرة اي نحو 167 دولاراً فريش، يدفع مقابله صاحب العمل ضريبة بنسبة 20% للضمان وفق دولار 89500 ليرة أي بما يوازي 200 دولار، بما يعني انّ صاحب العمل يدفع ضريبة للضمان أكثر مما يدفع أجراً لموظفيه.
في هذا السياق، أشار نائب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان نبيل فهد لـ«الجمهورية» الى انّ قرار صندوق الضمان الاجتماعي يدخل حيّز التنفيذ اعتباراً من هذا الشهر، وفي الوقت نفسه هناك ترقّب لدولار السحوبات من المصارف الذي من المتوقع ان يصدر شيء حوله يوم الخميس المقبل في جلسة مجلس الوزراء. وقال انّ غالبية الشركات تدفع لموظفيها بالدولار الفريش، لذا لا يصنّف الضمان فئة الذين يقبضون باللولار، فالمُصرّح عنهم امّا يقبضون بالدولار او يقبضون بالليرة اللبنانية.
وكشف فهد انّ الهيئات الاقتصادية لا تزال تدرس وتقيّم قرار الضمان الاجتماعي الاخير، وهي الى جانب دولار الضمان تحاول إيجاد حل او مخرج متكامل يشمل موضوع تعويضات نهاية الخدمة ضمن رزمة واحدة. ولفت الى انّ شطور ضريبة الرواتب والاجور تم تعديلها صعوداً وصولاً الى 89500 ليرة، بما يؤمّن حماية للموظفين وعدالة ضريبية لتصبح شبيهة بما كانت عليه قبل الازمة.
وكانت المادة 47 من الموازنة العامة عدلت قانون ضريبة الدخل على الرواتب والاجور لتصبح على الشكل التالي:
- 2% عن قسم الواردات الصافية الخاضعة للضريبة الذي لا يتجاوز 360 مليون ليرة.
- 4% عن قسم الواردات الصافية الخاضعة للضريبة الذي يزيد عن 360 مليون ليرة ولا يتجاوز 900 مليون ليرة.
- 7% عن قسم الواردات الصافية الخاضعة للضريبة الذي يزيد عن 900 مليون ليرة ولا يتجاوز مليار و800 مليون ليرة.
- 11% عن قسم الواردات الصافية الخاضعة للضريبة الذي يزيد عن مليار و 800 مليون ليرة ولا يتجاوز ولا يتجاوز 3 مليارات و 600 مليون ليرة.
- 15% عن عن قسم الواردات الصافية الخاضعة للضريبة الذي يزيد عن 3 مليارات و 600 مليون ليرة ولا يتجاوز 7 مليارات و 200 مليون ليرة.
- 20% عن قسم الواردات الصافية الخاضعة للضريبة الذي يزيد عن 7 مليار و 200 مليون ليرة ولا يتجاوز 13 مليار و 500 مليون ليرة.
- 25% عن قسم الواردات الصافية الخاضعة للضريبة الذي يزيد عن 13 مليار و 500 مليون ليرة.
دولار الـ 15 ألفاً
من جهته، رأى رئيس الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين (ALDIC) كريم ضاهر لـ«الجمهورية» انه وردَ في المادة 92 من الموازنة انه «على الادارة الضريبية إرسال نسخة عن التصريح الضريبي المقدّم من قبل صاحب العمل المتعلّق حصراً بالرواتب والاجور والتعويضات الخاصة بالمستخدمين الى الصندوق الوطني للضمان لمقارنتها بالتصاريح المقدمة الى هذا الصندوق من قبل صاحب العمل وابلاغ الادارة الضريبية فوراً بالتصاريح غير المتطابقة»، وإذا أضيفت اليها المادة 18 من قانون الموازنة 2024 والتي تفيد انه «على رب العمل أن يَقتطع الضريبة من الرواتب والاجور التي يدفعها الى الاجير، وان يؤدي المبالغ المقتطعة الى الخزينة بالعملة ذاتها التي دفعت فيها تلك الرواتب والاجور... من اجل احتساب الضريبة المتوجبة على الرواتب والاجور المدفوعة بالعملات الاجنبية وتسديدها، يتم تحويل الرواتب والاجور الى الليرة وفقاً لأحكام المادة 35 من القانون النافذ حُكماً رقم 10 تاريخ 15/11/2022 (والمقصود فيها وفق ضاهر انّ وزير المالية وحاكم مصرف لبنان سبق وأصدرا قرارين 2/1 و 3/1 حدّدا فيهما سعر الصرف الرسمي وسعر السحوبات من المصارف بـ15 الف ليرة)، ثم يتم تحويل الضريبة المحتسبة الى العملة الاجنبية التي دفعت فيها الرواتب والاجور بحسب سعر الصرف الذي يحدّده مصرف لبنان».
وأوضح ضاهر انّ هذه المادة من الموازنة توحي بأنّ الرواتب والاجور المقبوضة بالعملة الاجنبية ستكون بالسعر الفعلي أي ذلك المُستعمل من قبل مصرف لبنان، والسعر الوحيد الذي يعترف به مصرف لبنان اليوم هو 89500 ليرة. وتوقّف ضاهر عند القرار الذي أصدره مدير عام الضمان والذي حدّد فيه الدولار بـ 89500 ليرة، مُستعملاً تعبير «السعر الرسمي الأعلى»، بما يوحي انه في حال استمرار اعتماد عدة اسعار للدولار سيكون سعر الدولار الاعلى هو المُعتمد في الضمان.
تابع ضاهر: حتى اليوم لم يتم تحديد سعر الصرف الرسمي للدولار، فكلنا يعلم ان دولار الـ 15 الفا ما عاد موجودا رغم انه لا يزال يعتمد في المصارف. وهذا ما دفع رؤوساء المصارف الى زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومناقشة موضوع الدولار المصرفي وكيفية التعاطي مع المودع الذي لا ينطبق عليه التعميم 166 ولا التعميم 158 وتاليا لن يكون امامه اي امكانية لسحب امواله من البنك سوى التعميم 151 وهذا الاخير انتهت صلاحية وغير مغطى قانونيا. واليوم تطالب المصارف بتشريع الـ 15 الفا مرة جديدة.